عودة ترامب.. لماذا يتنفس المصريون الصعداء إزاء سد النهضة؟

بعثت عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أملاً جديدًا في إحياء مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، لا سيما وأن له مواقف واضحة في دعم حقوق دولتي المصب.
وسارع العديد من المصريين للتعبير عن ارتياحهم فيما يتعلق بمستقبل مفاوضات سد النهضة بعد انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، حيث سبق أن أشرف على مفاوضات سابقة بين مصر والسودان وإثيوبيا بين عامي 2019 و2020، وانتهت بتوقيع مصر على الاتفاق وانسحاب إثيوبيا، مما أغضب ترامب الذي وجه سيلاً من الانتقادات لأديس أبابا.
وقال الإعلامي المصري أحمد موسى إن الرئيس السابق “موقفه واضح في دعم مصر ودعم حقوق الشعوب”، بينما أوضح الخبير العسكري اللواء سمير فرج أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد كان من بين الشخصين في العالم الذين تمنوا عدم فوز ترامب في الانتخابات، بسبب انسحاب إثيوبيا من جلسة التوقيع النهائي على الاتفاقية الملزمة لسد النهضة في واشنطن عام 2020 بعد علمه بخسارة ترامب الانتخابات وفوز جو بايدن.
وأضاف فرج في تعليق ليلة الانتخابات وقبل الإعلان عن فوز ترامب: “آبي أحمد يجلس في الكنيسة يدعو ألا ينجح ترامب”.وبحسب خبراء، فإن فوز ترامب بالانتخابات قد يضفي آمالًا جديدة لدفع المفاوضات وضخ مزيد من الدماء بغية التوصل إلى اتفاق، مرجحين أن يمارس الرئيس الأمريكي ضغوطًا على إثيوبيا، بشكل ثنائي أو في إطار متعدد، لدفعها للتعامل بإيجابية مع المفاوضات.
وقد علقت مصر مشاركتها في المفاوضات في ديسمبر الماضي وأعلنت انتهاء المسار التفاوضي بعد سنوات من جولات المفاوضات الفاشلة بسبب “تعنت إثيوبيا التي لا تلتفت إلا لمصالحها الفردية” – وفقًا للبيان المصري – مع تأكيد القاهرة في أكثر من مناسبة تمسكها بحقوقها المائية وضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل السد حتى لا تتأثر سلبًا.
ويرى الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، أن “المرحلة القادمة قد تشهد تحولات جوهرية في آليات التفاوض وموازين القوى الإقليمية” فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة بعد فوز ترامب.
وأوضح مهران في تصريحات لـRT أن التجربة السابقة لإدارة ترامب في التعامل مع ملف سد النهضة تحمل مؤشرات قوية على إمكانية تدخل أمريكي أكثر حزمًا وفاعلية في المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وقال الخبير الدولي إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تؤدي إلى إعادة تفعيل دور الوساطة الأمريكية المباشرة في الأزمة مع احتمالية فرض ضغوط اقتصادية وسياسية على الأطراف المتشددة في المفاوضات، كما أن أسلوبه في طرح الحلول غير التقليدية قد يفتح آفاقًا جديدة للتفاوض لم تكن مطروحة من قبل، مما قد يسهم في تسريع وتيرة المفاوضات نحو التوصل لاتفاق ملزم يحفظ حقوق جميع الأطراف.
وأضاف أن نمط ترامب التفاوضي المعروف بالضغط المباشر والميل إلى إبرام الصفقات السريعة والحاسمة قد يفرض ديناميكية جديدة على مسار المفاوضات التي ظلت تراوح مكانها لسنوات طويلة، مشيرًا إلى موقف الإدارة الأمريكية تحت قيادة ترامب في دعم حقوق دول المصب.
ولكن كل هذه الآمال قد تصطدم بتزاحم الأزمات الدولية والملفات العديدة التي تنتظر تدخل الرئيس القادم وتستحوذ على اهتمام المجتمع الدولي، مما يجعل “ملف سد النهضة يواجه تحديًا إضافيًا في ظل هذا المشهد العالمي المضطرب، الذي قد يؤثر على قدرة الإدارة الأمريكية المقبلة على التعامل بفاعلية معه، خاصة في ظل التحديات القانونية والسياسية العديدة التي تواجه ترامب داخليًا”، وفقًا لمهران.
ونوه بأن عامل الوقت يلعب دورًا حاسمًا في هذه القضية، محذرًا من أن أي تأخير إضافي في التوصل إلى حل عادل وشامل قد يؤدي إلى تعقيدات فنية وقانونية يصعب تداركها، خاصة مع استمرار إثيوبيا في تنفيذ خططها أحادية الجانب لملء وتشغيل السد وإعلانها الانتهاء من تشييده.
ويوم الأربعاء الماضي، دعا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي نظيره الإثيوبي آبي أحمد إلى ترجمة تصريحاته الإيجابية تجاه مصر وعدم الإضرار بها إلى واقع، والتوصل إلى اتفاق ملزم للطرفين بشأن تشغيل سد النهضة.
ورد مدبولي في مؤتمر صحفي على سؤال بشأن تصريحات آبي أحمد، التي قال فيها “إن مصر لم تتضرر، وإن إثيوبيا لن تقبل بحدوث ضرر لمصر أو السودان، وسنعوضهما إذا حدث أي ضرر في كميات المياه التي تصل إليهما”، وقال مدبولي تعليقًا على تصريحات آبي أحمد: “هذا تصريح جيد، لكننا نحتاج بدلًا من أن يكون تصريحًا، أن يتم وضعه في صورة اتفاق تلتزم به الدول مع بعضها البعض، طالما أن هذه هي النية وهذا هو التوجه بالفعل”.
وأكد مدبولي أن موقف مصر من السد الإثيوبي، والذي أعلنته منذ البداية، هو أنها ليست ضد التنمية في دول حوض النيل، بل ترحب بأي مشروعات تنموية، بشرط ألا تؤثر بالسلب على الدولة المصرية وحقوقها في نهر النيل.
المصدر: RT